﴿ ستون(٢٠٠٠)﴾

ستُّونَ مرَّتْ كمِثْلِ اللَّمحِ بالبصرِ

 

 

لمْ يبْقَ منها سِوى الأطيافِ والصُّورِ

فكم شربْتُ كُؤوسَ الحُبِّ مُترَعةً

 

 

وكم لقِيتُ على الأيامِ من ضررِ

ستون كم لذَّةٍ ولَّتْ عُذوبتُها

 

 

وخلَّفتْ أثراً يدعو إلى الكَدَرِ

وزَلَّةٍ ليسَ إلّا اللهُ يغفِرُها

 

 

ربٌّ غفورٌ لِمَنْ ناجاهُ في السّحَر

ستونَ يا ويلَتي والشَّيْبُ يُنذرُني

 

 

أنّ السّفينةَ قد آلَتْ على السَّفرِ

والزّادُ جِدُّ قليلٍ كيفَ يُوصِلُني

 

 

إلى النِّهايةِ بلْ إنّي لَفي خَطَرِ

ستونَ والجسمُ قد شاخَتْ مَفاصِلُهُ

 

 

والقلبُ مُضْطربُ الخَفْقاتِ في خَوَرِ

غداً قريباً إذا ما المَوتُ فاجَأنا

 

 

وَغُيِّبَ الناسُ في الأرْماسِ والحُفَرِ

يُساقُ يوْمَئِذٍ كلُّ الوَرى زُمَراً

 

 

إلى نعيمٍ مُقيمٍ أو إلى سَقَرِ

ورايةُ الحَمْدِ والمُختارُ يحْملُها

 

 

وخَلفَهُ النّاسُ أمواجاً من البَشرِ

وكُلُّهم يبتغي وِرْداً على ظَمَأٍ

 

 

من ذلك الحَوْضِ حوضِ المُصطفى العَطِر

ستون يا حَسْرتَا نِصفُ الرّفاقِ مَضَوْا

 

 

ونحن خلفَهُمُ نمضي على الأثَرِ

فكمْ حبيبٍ وكمْ خِلٍّ فُجِعْتُ بهِ

 

 

أبكي عليهِمْ دَماً ما طالَ بي عُمُري

أزورُ قبرَهُمُ أبكي الوِدادَ وقد

 

 

صاروا رَميماً وراءَ الصّخرِ والحجَر

إنّي على الموتِ صَبّارٌ وذو جَلَدٍ

 

 

وذاكَ عهدُ ذَوي الإيمانِ بالقَدَرِ

ما بالُنا عنْ لقاءِ اللهِ غافلةٌ

 

 

قُلوبُنا فهْيَ في سُكْرٍ وفي خَدَرِ

تزوَّدوا بالتُّقى فاللهُ يَكْلَؤُكُمْ

 

 

يومَ الإنابةِ من خِزْيٍ ومن غِيَرِ

وَلْنخْشَ يوماً عَصيباً لا مَرَدَّ لهُ

 

 

في ذلكَ اليومِ لا عذراً لمُعتذِرِ

ستون أبكي بها الأيّامَ ضائِعَةً

 

 

في اللهوِ أوْ في سَماعِ النّايِ والوتَرِ

أوّاهُ أوّاهُ إني نادمٌ أبَداً

 

 

على شبابٍ مضى في الكِبْرِ والبَطَرِ

وأسأَلُ اللهَ ربّي منهُ مَغفِرةً

 

 

بحقِّ أحمَدَ والقرآنِ  والسُّوَرِ

دُنيايَ طلَّقْتُها من أجلِ آخرةٍ

 

 

فيها نَعيمٌ مُقيمٌ غَيْرُ مُنحَسِرِ

فيها سَنَلْقى نَبِيَّ اللهِ سَيِّدَنا

 

 

روحي الفداءُ لوجهِ المُصطفى النَّضِرِ

 

 

 

إني على العهدِ ربّي لا أبَدِّلُهُ

 

 

بالبيتِ أقسمُ والأركانِ والحَجَرِ

وأبتغي الدّارَ دارَ الخُلدِ لي سَكَناً

 

 

في ظِلِّ عرشِ مليكٍ جِدِّ مُقْتَدِرِ

هُناكَ لا حاقِدٌ لا حاسِدٌ أبداً

 

 

ولا تَجاوزَ أوْ ظُلماً على بشَرِ

رَبّاهُ فاغفِرْ ذُنوبي إنها عَظُمَتْ

 

 

بجاهِ أحمدَ خيرِ البَدْوِ والحَضَرِ

١٩٩٨م

     -علي أحمد الأديب-   

 

 

⊱━━━━⊰✾⊱━━━━⊱