﴿ نشيدُ الألم ﴾

أيُّها الآتي إلينا من بعيدْ

من وراءِ البحْرِ من خلفِ الضَّبابْ

تحملُ الشُّؤْمَ أيا وجهَ الغُرابْ

وتُحيلُ الخِصْبَ فينا لِيَبابْ

وتَبُثُّ اليُتْمَ فينا والخَرابْ

يا عَويلَ الثّاكِلاتْ

يا أنينَ الأُمهاتْ

يا نِداءَ الجُرحِ في قلبِ السُّكونْ

يا دُموعاً قَرَّحَتْ تلكَ الجُفونْ

فمتى يَنْجابُ عن أوطانِنا ليلُ العذابْ

وتعودُ الشّمسُ جَذلى

تَنشُرُ الدِّفْءَ على شُمِّ الهِضابْ

ويعودُ العيْشُ في أوطانِنا

عَيْشاً رَغيد

 

أيها الآتي إلينا من بعيد

تحملُ الحِقدَ صَقيعاً وجليدْ

   قدْ قَتَلْتَ الزَّهْرَ فينا

وصَلَبْتَ الياسَمينا

وحبسْتَ الدّمعَ جَمْراً  في مَآقينا

ودِمانا أصْبَحَتْ سوداءَ تجري في الوريدْ

أيها الآتي إلينا من بعيدْ

أيها الجبّارُ يا صِنْوَ الجريمةْ

يا عدُوّاً للشُّعوبْ

يا قَميئاً يا قبيحاً يا كَذوبْ

تَدَّعي ما ليسَ فيكْ

ولِزَرْعِ المَوْتِ تسعى وَتَحيكْ

قد تركْتَ الأُمَّ ثَكلى

وزرَعْتَ الأرضَ شَوْكا

وتركْتَ الوَردَةَ البَيضاءَ حمراءَ يتيمةْ

 

أيها الآتي إلينا من بعيدْ

هذهِ أنيابُكَ الحُمْرُ تُثيرُ الرُّعْبَ  عندَ الجُبَناءْ

وتُثيرُ الحِقدَ والبَغْضاءَ  عندَ الضُّعفاءْ

وتُحيلُ الضَّعفَ إصراراً وعزماً

 

 

في نُفوسِ الأقوياءْ

إنَّ زَلّاتِ اللسانْ

تُنْبِئُ الأكْمَهَ عمّا في الجَنانْ

إنّ هذا راسِخٌ في عقلِنا

راسِخٌ في قلبِنا

مُنذُ آمادٍ قديمةْ

أيها الآتي إلينا من بعيدْ

قد ذبحتَ السِّلمَ في مدينةِ السّلامْ

في القدسِ في طِروادَةِ العربْ

حصانُهُمْ قدْ قُدَّ من صَوّانْ

ومن بَراكينِ الغضَبْ

والقدسُ ثَكْلى من خديعةِ الحصانْ

ومُسْتَباحةٌ على يدِ الطَّغامْ

واغتيلَ عِشْقُ الوَردِ في القدسِ

وقد غَفِلَ الزَّمانْ

الحُزنُ جلَّلَ شعبَنا المَقهورَ

في القدسِ الجَريحْ

واسْودَّ صُبحُ الطفلِ في العيدِ

وعيدِ الفطرِ والأضحى

وميلادِ المَسيحْ

بُحَّ الأذانُ مُنادياً أنْ أنقذوا الأقصى الذَّبيحْ

ودَوِيُّ أجراسِ الكنائسِ يُعلنُ العِصيانَ والرَّفضَ الصَّريحْ

فإلى متى يا عُرْبُ تَرْضَوْنَ المَذَلّةَ والهَوانْ؟

هذا عدُوُّكُمُ اللّئيمُ الوغدُ ليس لهُ أمانْ

لا شيْءَ يُنجيكُمْ بني قومي سِوى الإصرارِ  والسّيفِ اليَمانْ

والوَحدَةِ الكُبرى لِتصْفَعَ ذلكَ الوجهَ القبيحْ

      -علي أحمد الأديب-   

 

⊱━━━━⊰✾⊱━━━━⊱