|
بذلْتُ للنَّشْءِ فيها مُهجتي وَ دَمي
|
أسْقِيهمُ اللّغةَ الفُصحى أُذَلِّلُها
|
|
|
كيْما تصيرَ شَراباً سائغاً بِفَمِ
|
عَشِقْتُها يافعاً حتى فُتِنْتُ بها
|
|
|
و صِرْتُ في حُبِّها ناراً على عَلَمِ
|
وَ غُصْتُ في بَحرها الطَّامي و لُجَّتِها
|
|
|
أجْني اللآلئَ جَنيَ الحاذِقِ الفَهِمِ
|
أُحبُّها حُبَّ قيسٍ إذْ تَمُرُّ بها
|
|
|
ليلى فيا صاحِ لا تَعْذُل و لا تَلُمِ
|
و ما جميلٌ و بُثْنٌ عنهُ راضيةٌ
|
|
|
مِثْلِي إذا ذُقْتُ معنىً ضَجَّ بِالحِكَمِ
|
أُجِلُّها لغةً للوَحيِ حامِلةً
|
|
|
و في الجِنانِ غداً منْطوقَةَ الأُمَمِ
|
أَحبَّها المصطفى المُختارُ أُسْوتُنا
|
|
|
لأنّه عَربيُّ الأصلِ و الشِّيَمِ
|
مالي أراكَ أخا الإسلامِ تَهْجُرها
|
|
|
إلى الرَّطانةِ هَجْرَ النَّومِ للهَرِمِ
|
و تَقْرِضُ الشِّعرَ فيها تارةً زَجَلاً
|
|
|
و تارةً نَبطيَّ الحرفِ و الكَلِمِ
|
و تدَّعي بعدها للعُرْبِ مُنْتَسَباً
|
|
|
هذا لَعَمْري سبيلُ الواهِمِ الوَهِمِ
|
لو قامَ أهلُ عُكاظٍ من قُبورِهمُو
|
|
|
تَبرَّؤوا منكُمُ يا إِخوةَ العَجَمِ
|
أَتطمعونَ بِشِعرٍ تَهْجُرونَ بِهِ
|
|
|
أُمَّ اللّغاتِ؟ فيا حُزني و يا أَلمي
|
فَسُلَّمُ الشِّعرِ صَعْبٌ مُرْتقاه إذا
|
|
|
ما خاضَ فيه سَقيمُ الحرفِ و النَّغَمِ
|
فالشَّعرُ مَعنىً جميلٌ سالَ مِن شَفةٍ
|
|
|
و اللَّفظُ كالقَطرِ هَطّالاً مِنَ الدِّيَمِ
|
و صورةٌ من خيالٍ ساحَ مُلْتَمِساً
|
|
|
ألوانَها مِنْ خيوطِ الشّمسِ و النُّجُمِ
|
كلُّ اللُّغاتِ على الأيامِ قدْ وَجِعَتْ
|
|
|
لكنَّما اللّغةُ العَرباءُ لمْ تُضَمِ
|
هِيَ المنيعَةُ و الرّحمنُ يَحرُسها
|
|
|
على الزَّمانِ مِنَ الأمراضِ و السَّقَمِ
|
يَشيبُ فينا سُهيلٌ وَ هْيَ يافِعَةٌ
|
|
|
ما دامَ يحفظُها القرآنُ مِنْ هَرَمِ
|
و الضّادُ ميّزَها حتى بهِ عُرِفَتْ
|
|
|
و إنّها مِنْ هِباتِ اللهِ فاحْتَرِمِ
|
لِسْناً قدِ اختارَها ربّي مُقَدَّمةً
|
|
|
على اللّغاتِ فهذا مُنتهى الكَرمِ
|
قالُوا الفصيحةُ لا تُرجى لِأزمِنَةٍ
|
|
|
فيها الثَّقافةُ حِكْرُ الغربِ و العجمِ
|
لله أنْتُمْ فهذا لا يقولُ بِهِ
|
|
|
إلّا حقودٌ من الأعداءِ عَنْ وَرَمِ
|
أَلَمْ تَكُنْ وَسِعَتْ مِنْ غَير ما رَهَقٍ
|
|
|
ثَقافةَ الهِندِ و اليونانِ في القِدَمِ
|
فاسألْ دِمشقاً و بغداداً أما حَفِظتْ
|
|
|
كُلَّ العُلومِ بصدرٍ واسعٍ شَبِمِ
|
و اسألْ طُليطِلةً عنها و قُرْطُبةً
|
|
|
قدْ كانَتِ اللّغةَ المُثْلى لدى الأُمَمِ
|
إليهِما حَجَّ أهلُ الغَرْبِ في زَمَنٍ
|
|
|
كانوا يعيشون في داجٍ من الظُّلَمِ
|
أُمُّ اللّغاتِ بِفَحْواها و قُدرتِها
|
|
|
قدْ أَخرسَتْ مِنْ قديمٍ كلَّ مُتَّهِمِ
|
نَمْ هانِئاً يا أخا الإسلامِ مُغْتَبِطاً
|
|
|
فلنْ تَضيقَ بِعِلمِ الجبرِ و الرَّقَمِ
|
قدْ عَقَّها أهلُها جهلاً و فَرْنَجةً
|
|
|
ظُلمُ الأحِبّةِ يُدمي القَلبَ من أَلَمِ
|
إنّ الفصيحةَ أُمُّ العُرْبِ أجمَعِهِمْ
|
|
|
مَنْ عَقَّها أبداً في بِرِّهِ اتّهِمِ
|
فيا أخا العُرْبِ حاذِرْ أنْ تُضيِّعَها
|
|
|
إذاً سَتبكي دَماً مِنْ شِدَّةِ النَّدَمِ
|
إنْ صِينتِ اللّغةُ العَرْباءُ في وطني
|
|
|
فَسَوفَ تَبقى على الأيّامِ في سَلَمِ
|
يامَنْ خُدِعْتَ بإعلامِ العُداةِ فلا
|
|
|
تَرْكَنْ إلى مَنْ يَدُسُّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
|
يُخْفونَ حِقْداً دَفيناً في صُدورِهمو
|
|
|
و نحنُ نعْلَمُ خَلْفَ الصَّدرِ و الأَكَمِ
|
أكْرِمْ بها لُغَةً للعُرْبِ رابِطةً
|
|
|
هِيَ السَّبيلُ لِتُرضي بارئ النَّسَمِ
|
يابْنَ العُروبةِ لا تَخْشَ العِدا أبداً
|
|
|
بابَ العُلومِ بِلِسْنِ العُرْبِ فاقْتَحِمِ
|
إِنّي لأعجَبُ من ذَوَّاقةٍ فَطِنٍ
|
|
|
مِنْ شَهدِها ذاقَ لَمْ يُفْتَنْ و لم يَهِمِ
|
هِيَ الفَصيحةُ لا أَرضى بها بدلاً
|
|
|
و غَيرَ أُمِّ لغاتِ الأرضِ لَمْ أَرُمِ
|
أَذُبُّ عنها الأعادي كيْ تظلَّ لنا
|
|
|
راياتُها خافِقاتٍ في ذُرا القِمَمِ
|
إنَّ العُداةَ مِنَ الرُّطَّانِ قدْ كَثُروا
|
|
|
وَ كُلُّهُمْ خَسِئُوا يَبغونَ لَجمَ فمي
|
لكنّني لَسْتُ هَيّاباً و لا وَجِلاً
|
|
|
سَيفي بيُمنايَ و اليُسرى بها قلمي
|
و إنّني سوفَ أبْقى ما حييتُ لها
|
|
|
أباً عطوفاً و حَقِّ البيتِ و الحَرَمِ
|
إنْ لم تعودوا إلى الفُصحى بَنيْ وَطني
|
|
|
و اللهِ و اللهِ ما جُرْحي بِمُلْتَئِمِ
|
سوريا -مدينة النبك
٢٠٠٨
-علي أحمد الأديب-
|
|
|
|
⊱━━━━⊰✾⊱━━━━⊱
|
|